كفى لم يعد للصبر مقام
طبقة النبلاء آن استبدالها؟!
صراع الكراسي ومافيات الفساد؟!
د. محمد احمد جميعان
اقالة محافظ البنك المركزي او استقالته كما نقل، كشفت عمق الازمة في اوساط طبقة النبلاء التي تتولى ادارة الدولة، ولعل الارتباك والتخبط والتهور والتراشق المحموم والتناقض هي العناوين التي يمكن ان نصف بها الحال .
لقد اصبح معه لزاما استبدال هذه الطبقة التي اوصلتنا الى هذا الحال، بطبقة الحراثين الذين يملكون الكفاءة الحقيقية والاقتدار والحزم ليكونوا رجال دولة ينقذون واقعا اصبح مرا لا تطيقه الحلوق التي ترتفع صوت حناجرها وسقوفها يوما بعد آخر في الشارع..
لم يكن التوريث وطبقية النبلاء والمحاسيب والشللية وتوزير رجال الاعمال والبزنس والقفز في الزانة في تولي المناصب يوما الا فسادا في عظم الدولة يعظم على اي فساد آخر ، لانه يعني ان باقي التفاصيل في مشهد الفساد واوكاره ومافياته انما تاتي توابع تحتاج الى تغيير جذري ، والا سنبقى ندور في دوامة المسرحيات النجومية لابطال الفساد الذين يبعوننا فذلكات وفهلوهات في مسلسل اقتسام الهبر واكل الاكتاف والضحك على الوطن واهله ورجال الاصلاح فيه.
ومن هنا اقول، لست سعيدا بما جرى، وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، من دراميتكلية حادة وغير مفهومة في اقالة محافظ البنك المركزي، والذي لم يمض عشرة شهور في منصب جرى العرف والعادة وطبيعة المنصب ومحددات الوظيفة ان يبقى فيه مدة طويلة، سيما ان يرتبط بالاستقرار النقدي والسياسات المالية والاقتصادية ويعطي بذلك انطباعا خارجيا وداخليا ولكافة المستثمرين ومؤسسات المجتمع الدولي مدى الهشاشة الادارية والاقتصادية التي يتم التعامل بها في خفة غير مبررة في استبدال راس الهرم المالي .
وما سيق من مبررات لاقالته لايمكن ان تتناسب ولا تستقيم مع واقع هذا المنصب، ولا مع ما جرى من حدية وانفعال وتراشق غير معهود وغير مقبول سياسيا واقتصاديا في ظرف حساس للغاية وملتهب وغير مسبوق.
اللهم الا ما تعلق وقيل على لسان الرئيس البخيت بان المحافظ المذكور كان ينتقد السياسات الحكومية ويهاجمها في مجالسه، وهو امر مفهوم عهدناه في نسق الشللية والمحاسيب وصراع الكراسي، يذكرني بموقف مشابه اثناء حكومة البخيت الاولى ، حين اتصل بي احد مسؤولي المؤسسات الامنية مستنكرا ثنائي على حكومة البخيت الاولى، رغم ان الثناء يتعلق بموقف وليس بسياسات الحكومة ككل؟! لنفاجئ بعد رحيل الحكومة ان شقيقه هو رئيس الحكومة المنتظر ؟!
ولنعد الى اصل الموضوع بان هذا المنصب الذي له مواصفات خاصة معروفة ومثبته في دول العالم كله،تتمثل في عمق الخبرة والعمر والتميز والاستقرار النفسي والتطور المعرفي والعلمي والارتقاء الوظيفي المتدرج والحقيقي في نفس المجال.. وليس في كل الاحوال من خلال التعيين بالوراثة والاسترضاء والقفز بالزانة كما جرى لهذا المحافظ التي اقالته الحكومة في حومة الاجهاد والارتباك والبلبلة التي نسال الله ان تكون العواقب سليمة..
ما جرى في المشهد وما تلاه الحق ضررا كبيرا بالدولة، ووضع النظام على المحك في حراك الاصلاح ومحاربة الفساد، ربما الاكبر في وقعها وظروفها ومخرجاتها المتوقعة، في حادثة اعتقد انها غير مسبوقة ربما على مستوى العالم حتى المتخلف منه.
وقد تعمق الاذى والاذية بشكل عمودي وافقي متداخل ومستفز مع تلميحات المحافظ المقال الذي اخذ يلوح في مشهد نجومي، لا يخلومن الشعبية والطموح بمنصب اكبر، بانه الضحية للفساد وازلامه وانه منع من دخول مكتبه وانه سيقول الكثير في الوقت المناسب،مما اشاع اجواء ملتهبة واشاعات ذهبت الى روايات كثيرة بان الامر يتعلق بمحاربة الحيتان والفاسدين، الى القول على لسان احد قادة الحراك البارزين بان الامر يتعلق بالالتفاف على المنحة المالية السعودية، وهو امر خطير الى ابعد الحدود ؟؟!!
وعلى المحافظ المقال ان يثبت ذلك ويشرحه حتى لا يظهر بانه متجني ومسيء وبالتالي يخضع للمساءلة، والا على الحكومة ان تحاسبه، وفي النهاية لا بد ان نضع الراي العام بالتفاصيل الكاملة سواء من قبل الحكومة او المحافظ الذي عليه ان يتحدث صراحة او علينا ان نطالب بمحاكمته، او رحيل الحكومة ..
وقد اكتمل مشهد الاذى غير المسبوق والذي سيكون له تداعيات لا اشك انها ستكون كبيرة مع استقالة والدة المحافظ الشريف فارس من عضوية مجلس الاعيان، وهي تتحدث صراحة ودون مواربة' ان السبب الاهم لتقديم استقالتها هو ان الدولة الاردنية تشجع على الفساد .؟!.واضافت قائلة انها ستمارس عملها في خدمة الاردنيين و الاردن من خلال ممارستها العمل الخاص خارج مجلس الاعيان، وفي تصريحات اخرى نصحت ابنها الحديث صراحة عن سبب استقالته؟! "
لقد تحدثت السيدة العين بوضوح، ولكنها موجزة جدا بما يشاع بين الناس، وهي بذلك تقدم شهادة من عمق اطلاعها وهي زوجة رئيس وزراء المتوفي الشريف عبد الحميد، وبقيت لصيقة وتتولى المناصب دون انقطاع يذكر، وهي والدة من اطلع على الواقع المالي والاقتصادي من رحم المؤسسة المالية، وهي شهادة لا يمكن المرور عليها تحت أي ظرف كان، لانها مست عصب الدولة ومن عمق اطلاعها وتاريخها وقربها من اصحاب القرار، ويجب ان تقدم السيدة العين شرف تفاصيل المشهد الذي لوحت به، والا اعتبر كلامها في دائرة المحاسبة القانونية والشعبية لان الدولة ملك للجميع ومن حقنا المطالبة بالتفصيلات..
واكتفي هنا بما وصفته الصحافة الدولية وفي صحيفة القدس العربي واعطته سابقة ان قضية استقالة او اقالة محافظ البنك المركزي هي اختبار حقيقي للحكم في الاردن ومدى جديته في مواجهة الفساد ومافياته، والمأمول ان يتم تجاوز هذا الاختبار بنجاح ..؟
ومن هنا ولخطورة ما حدث وجرى، على الحكومة ، ان كان الواقع خلاف ذلك، ان تفند ما جاء من تصريحات وتلويحات شرف مست الدولة،وان تحاسبهم اجلاء للحقيقة، لان السيدة العين وولدها الشريف المحافظ ليسا من المعارضة او الحراك بل من رحم رحم مؤسسة الحكم، وشهادتهما لها في الميزان ثقل وللسامعين صدى، وفي القلوب وقع وعلى الشارع اثر وخطر؟! سيما ان ذلك جاء في ظرف حساس صب فيه الزيت على النار، والا فان الحكومة ملزمة بتقديم استقالتها او تنتظر تفاعلات الموقف شعبيا الذي ارى انه سيقول هذه المرة صراحة كفى لم يعد للصبر مقام؟!
خلوي/ 0795849459
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق