| موقع الدكتورمحمد احمد جميعان|||||| Dr.M.A.Jumian |

رسالتنا: (العدل اساس الاعتدال) وفكرنا ومنهجنا ودافعنا بايجاز:الحياة كلها رحلة قصيرة، نهايتها مقدرة محتومة،مهما بلغت المقامات والقامات، وماهي الا لقاء وفراق,كلمةوموقف،رسالةوعمل..وهل هناك ما هو اعظم من رضى الله والوقوف مع الفقراء والمظلومين والمهمشين والحزانى والمقهورين..تدافع عن حقوقهم وتطالب بأنصافهم في بحر الفساد المتلاطم والانانية المفرطة والاستبداد والبحث عن المغانم..اما اللقاء فهو التواصل مع الناس والمجتمع على هاتف (0795849459)(00962)او عناوين الموقع..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ساحة الحوار/المقال الاسبوعي

مقتضيات المرحلة والحكومة الجديدة في الاردن


مقتضيات المرحلة والحكومة الجديدة في الاردن
               
                                                
*د.محمد جميعان
                جرى العرف، والتقاليد السياسية في الاردن ان تشكل الحكومات تبعا لمقتضيات المرحلة، وما يبرز فيها من معضلات وازمات سياسية ووطنية ومشكلات اقتصادية واجتماعية ، وما يشد الناس ويجمعهم حول مؤسسة الحكم، اضافة الى مراعاة المعادلات الدولية والاقليمية، وما يتهدد الوطن تبعا لذلك.
المرحلة الراهنة في التشخيص السياسي مرحلة دقيقة للغاية، بلغت الازمة فيها مستويات قاربت من الذروة، والحكومة فيها محددة الزمان طبقا للدستور، والاهداف المباشرة المتوخاة تتمثل في الاعداد للانتخابات والاشراف عليها من خلال الهيئة المستقلة للانتخابات، ولكن الاساس يبقى في معالجة الازمة ومحاولة جمع الناس وتأليفهم نحو مؤسسة الحكم، من خلال جمع اكبر نسبة ممكنة للتسجيل ومن ثم التصويت ، اذ من الممكن ان يتم التسجيل ولا يُقْدم الكثيرون على الانتخاب، ومن هنا تبرز هذه المشكلة في الصدارة .
 بالطبع هنا لا يفوتنا ان نشير بقوة الى المنطلقات الاساسية او ارضية الواقع السياسي في الاردن؛ الذي هو واقع ازمة حقيقية تحتاج الى حلول جذرية وعميقة، وحراك شعبي ضاغط على امتداد الساحة الوطنية والعربية فضلا عن تغييرات مفاجئة وصاعقة احيانا وغير محسوبة..
منذ نحو اكثر من شهر والحديث مستمر عن الحكومة القادمة المؤقتة (طبقا للدستور) التي سوف تحمل هذا الواجب وتحمل هذه المهمة في هذه المرحلة، وتم تداول اسماء بعضها لها باع طويل في العمل الشعبي والسياسي والتواصل مع الحراكات ومحاورتهم، فضلا عن بعض القبول الذي تمتعوا به وظهر من خلال تصريحات قادة الحركة الاسلامية الذين اشادوا بهم ورحبوا بادامة الحوار معهم، وكان من المأمول والصائب ان يتولوا هذه المرحلة .
جاءت حكومة الدكتور عبدالله النسور كالصاعقة، مفاجئة بكل المعايير ولكل الاوساط،، اذ لم يكن الاسم مطروحا على الاطلاق، ولم يكن متوقعا حتى على نطاق الهمس والاحاديث الجانبية فضلا عن الصالونات السياسية .
لا بأس في عنصر المفاجأة اذ قد يكون ميزة فيما لو توافقت مع الاهداف ومقتضيات المرحلة ، ولكنه نقمة ان عارض ذلك وجاءت المفاجأة لتزيد الطين بلة وتجعل من الواقع صدمة تُصاعد التوترالمتوتر اصلا والذي يحتاج الى تهدئة ، وهذا ما بدى سريعا من ردود الفعل التي ظهرت مبكرا في اعقاب التصريحات الاولية للرئيس المكلف، من الحراك الوطني على لسان وشعارات "ليلية حي الطفايلة" في عمان الذين هتفوا في نفس الليلة " لا الطراونة ولا النسور بدنا تغيير الدستور" وهو طرح تصاعدي جديد على الحركة الوطنية بهذا الشكل المباشر وجاء كرد فعل على  حكومة الدكتور النسور، ولياتي بعد ذلك رد فعل الحركة الاسلامية في اليوم التالي وبعد لقاء الرئيس المكلف مختصرا وسريعا وحازما وجازما " لا جديد ولا اصلاح يلوح في الافق ". 
المشكلة الكبرى تبرزعلى ضوء مقتضيات المرحلة، وتبرز هنا مشكلة رئيس الحكومة الجديد الدكتور عبدالله النسورامام الشعب والتاريخ  تفوق اضعاف اضعاف من سبقه من رؤساء حكومات تداولت على الاردن، اذ للرجل مواقف وتصريحات مفصلية وحادة في بعض الاحيان عندما كان نائبا في مجلس النواب واصبح اسير لها بالمطلق وضعته في زاوية الاحراج، فاما ان يُصر على تبنيها وتنفيذها، وهو ما لم يظهر منه ، بل بدى واضحا انه يعمل على خلافها . واما ان يدير لها ظهره ويفقد المصداقية  والتاثير والقدرة على الحوار الشعبي والسياسي ، وبالتالي تردي المزاج العام نحو وتيرة تصاعدية على ضوء ذلك ، وهو ما يعتبر نسفا اوعلى نقيض ما تقتضيه المرحلة.
            ولنعد الى بعض التصريحات الاكثر وتيرة وتداولا والتي سجلت على الرجل والتي وضعته كرئيس للسلطة التنفيذية في زاوية الاحراج المقيدة له، ليس لمضمونها ولكن لمدى امكانية التزامه بها بعد ان اصبح رئيسا للحكومة الاردنية:
-  لقد خاطب رئيس حكومة سابق وحجب الثقة عنه قائلا "يجب ان تكون الاجهزة الامنية والمخابرات خلفكم لا امامكم .. نريدك ان تقودها لا ان تقودك" .
-   لقد حجب الثقة عن حكومة فايز الطراونة لان "الدكتور الطراونة هو عراب المحافظين وشيخهم، وان من يعرف فكره ومنطلقاته، يعرف انه مناسب لزمن اخر سابق او قادم، لكنه ليس رمن التغيير والاصلاح".
- لقد اعلن انه ضد الصوت الواحد معلنا ان غالبية أعضاء مجلس النواب كانوا ضد مبدأ الصوت الواحد، وعند التصويت غيروا قنعاتهم المعلنة، ومعظمهم كانوا ضده.
- كان ضد  قانون المطبوعات والنشر معتبرا انه رجعة للخلف، مشددا على ضرورة رد القانون كاملا.
- لقد صرح ان الحكومة القادمة لا يجب ان تكون فقط حكومة منتخبة بل يتطلب منها التخفيف عن المواطن ورفع حالة الضنك التي يعيشها من خلال تطبيق برامج انية وسريعة ومحكمه لهذه الغاية.
-  حذر من محاولات تزوير الانتخابات النيابية المقبلة وقال إن أي تزوير سيقود البلاد إلى وضع خطير جداً، مشدداً على أن مداخل التزوير مختلفة، وليست بالضرورة رسمية،  مؤكدا ان مجلس النواب السادس عشر مزور ولدي ما يثبت ذلك.
- وبخصوص الاسلامين كان موقفه واضحا "لو أردت أن انصح الرئيس المكلف لنصحته باشراك الاسلاميين بتشكيل حكومة ".
- ولنرى هنا ما يقوله في الاصلاحات " الإصلاحات السياسية غير كافية لان المواطن الأردني لم يشعر بنتائجها حتى اليوم، وان هذه المرحلة الحرجة والصعبة تفرض على الدولة اجراء اصلاحات تمس المواطن بشكل ملحوظ متسائلا كيف نقنع الشارع الغاضب ان الحكومة تجري اصلاحات وحكومة الطراونة تعمل بطريقة تقليدية ورافضة للتغيير" معتبرا ان " العودة لدستور عام 1952 مطلب وطني ديمقراطي كبير"
        الرئيس المكلف بصراحة قرأ لنا الكتاب من عنوانه ومن اليوم الاول قبيل التشكيل اعلن وحسم امره مبكرا وقطع الطريق على من تأمل في الخيال واسترسل الى آمال عراض حيث أكد رئيس الوزراء المكلف الدكتور عبد الله النسور أن الانتخابات النيابية ستطبق بقانون الصوت الواحد بالرغم من أنه كان من المعارضين له إلا أنه على الأقلية أن تحترم رأي الأغلبية.؟؟!!! وبهذا لم يعد هناك مجال للاجتهادات او صرف آمال لا داعي لها..
               وليأتي رد سريع حاد وحازم على ما صرح به الرئيس، حيث استهجن حزب جبهة العمل الإسلامي تصريحات رئيس الوزراء المكلف التي أكد فيها أنه لا تغيير على قانون الانتخاب الذي يعتمد مبدأ الصوت الواحد المجزوء.وقال العمل الاسلامي في مذكرة سلمها إلى النسور في لقاء عقد في مجلس الأعيان: "من المستهجن أن يصدر هذا التصريح عن نائب رفض بشدة هذا القانون وخبر ويلاته على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعن رجل ذي خلفية علمية وقدرة على معرفة اتجاهات الرأي العام".
                 كما جاء وصف الصحافة دقيقا حين اعتبر ان الرئيس النسور عارض السياسات وجاء لتنفيذها!.
                  بل والمتابع اصبح لديه قناعة ان المواقف تحت قبة البرلمانات ما هي الا كلام للاستهلاك وكسب الشعبية ، وان احدهم ان قُُدر له ان يصبح في موقع القرار سيعمل على نسفها او خلافها وليس كما اظهر لنا من قناعات في السابق في البرلمان؟!
                 تصريحات الرئيس بعد اداء القسم جاءت اكثر استفزازا وفيها قدر كبير من الاستخفاف السياسي، اذ بعد حوارات مطولة مع الحركة الاسلامية والاستعداد لمتابعة الحوار على طريق الاصلاح واجراء تعديلات جوهرية، ياتي الرئيس ليصرح وبعد القسم مباشرة ليقول انه قدم للاسلاميين اقتراحا فقط ( بعد استأذانه للهيئة المستقلة) ان يمدد فترة التسجيل للانتخابات ليفسح لهم المجال للمشاركة؟! ا
                    
                        اما تشكيلة الحكومة الجديدة، من يدقق في اعضائها، يرى انها من الوجوه القديمة المكررة وللتوريث فيها نصيب، وانهم من الوزراء الذين كانوا في حكومات سابقة حجب الرئيس النسور نفسه عنها الثقة عندما كان نائبا في البرلمان، باستثناء اثنين احدهما هو امتداد للتوريث اذ انه ابن وزير سابق تقلد عدة حقائب وزارية..؟! وكان الاصح والاجدى طبقا لمقتضيات المرحلة ان يتم اختيارهم من نشطاء وقيادات شعبية وحراك شعبي من اصحاب الكفاءات والقدرة والجذور والامتداد بعيدا عن التقاليد المهترئة والعقلية الامنية والتقليدية والقديمة المستفزة، لتكون نواة حقيقية لحكومة انقاذ تجسر وتعزز ما بين الشارع ومؤسسة الحكم.
 
                 ان امانة الاصلاح والنصيحة الصادقة  تقتضي ان اقول ؛ دائما ما نعود الى نفس الدوامة ونفس الوجوه ونفس المربع نراوح مكاننا ونحن نبحث عن حل لازمة اصبحت متشعبة ومعقدة وعميقة، ولها امتدادات اقليمية ودولية متبادلة بحكم واقع ملتهب ومتدحرج، وتحتاج التى تغييرات في النهج والسياسات والمضامين والمناهج والاساليب المتبعة والوجوه المكررة التي فقدت اغلبها البريق والتأثير والقبول الشعبي، واصبحت جزءا من الازمة نفسها وليست جزءا من الحل على الاطلاق، ولم تعد المناورات والحيل النفسية والسياسية ذات اثر على الاطلاق ايضا.
                  وكأن العقول والكفاءات والحلول ضاقت بنا، الا من ذات المربع الذي تفسخ من طي السنين وتكرار الوجوه والمناهج والسياسات، واصبح يضج ان ابحثوا وفعلوا عقولكم قبل ان ييأس الناس منكم ويغسلوا ايديهم، وتقع الفأس في الراس، عندها لن ينفع اي شيء يُقدم لهم سوى التغييير..
*كاتب وسياسي واكاديمي
ت/ 0795849459


ليست هناك تعليقات:

احدث الكتابات/ تحديث<<<